الرياضة الوطنية في مرآة الأولمبياد: تحديات الفشل وتطلعات المستقبل
اختتمت النسخة الثالثة والثلاثون من الأولمبياد يوم الأحد الماضي، مسلطة الضوء على القدرات الرياضية للدول ومُظهرة تفوق الاستراتيجيات الرياضية الناجحة في مقابل إخفاق غيرها. وقد وجدت الرياضة الوطنية نفسها أمام مرآة صادقة في هذه الألعاب، حيث أظهرت النتائج ضعف الأداء الوطني وحجم التحديات التي تواجه الرياضة المغربية على المستوى الدولي. السؤال الملحّ الآن: أين يكمن الفشل الرياضي، وما هي مسبباته، وكيف يمكن إصلاح الوضع لضمان نجاح مستقبلي في الساحة الأولمبية؟
نتائج مخيبة للآمال رغم بعض النجاحات
حققت المغرب في أولمبياد باريس ميداليتين فقط: ذهبية للبطل سفيان البقالي في ألعاب القوى وبرونزية لمنتخب كرة القدم، مما يشكل حصيلة غير مرضية بالمقارنة مع طموحات البلاد والإمكانات المتاحة. رغم أن هذه النتيجة هي الأفضل منذ دورة أثينا 2004، حيث حصد المغرب ثلاث ميداليات منها ذهبيتان للبطل هشام الكروج، إلا أن الرياضة المغربية لم تشهد تطورًا يتماشى مع التحولات العالمية والسباق المحموم بين الدول لتعزيز إنجازاتها الأولمبية.
مكاسب فردية وإخفاق جماعي
من بين النجاحات القليلة التي تستحق الإشادة هي الأداء المتميز للبطل سفيان البقالي الذي أضاف ذهبية جديدة إلى رصيده، والميدالية البرونزية التاريخية لمنتخب كرة القدم، وهي أول ميدالية جماعية للمغرب في الألعاب الأولمبية. ورغم ذلك، فإن هذه الإنجازات الفردية لا تعكس نجاحًا شاملًا لمنظومة الرياضة الوطنية، بل تشير إلى نجاحات فردية تدعمت بإدارة فعالة وتخطيط استراتيجي في بعض الاتحادات، مثل اتحاد كرة القدم.
الفشل في تحقيق المستوى العالي
كشف الأولمبياد عن ضعف أداء الرياضيين المغاربة في مختلف الرياضات، حيث خرج العديد منهم من الأدوار الأولى، مما يعكس قصورًا في التأهيل والاستعداد لمستوى المنافسة العالية. كما برزت عدم قدرة المنظومة الحالية على إنتاج أبطال مؤهلين للمنافسة في الألعاب الأولمبية. وتكشف هذه النتائج عن افتقار الاتحادات الرياضية إلى استراتيجيات فعالة وإدارة كفؤة لتحقيق النجاح.
الدعوة للتغيير والإصلاح
يتطلب الوضع الراهن إصلاحًا جذريًا يبدأ من داخل الاتحادات الرياضية، بتطوير آليات العمل وتبني استراتيجيات واضحة لتأهيل الرياضيين على المدى الطويل. يجب أن تتضمن هذه الخطط تحسين الإدارة وتطوير الكوادر الفنية وتوفير الدعم اللازم للرياضيين المتميزين. كما يجب أن ترافق هذه الجهود محاسبة صارمة للمسؤولين عن الإخفاقات المتكررة، وتعيين كفاءات قادرة على إحداث التغيير المنشود.
مع اقتراب أولمبياد لوس أنجلوس 2028، هناك حاجة ملحة للعمل الجاد على تصحيح المسار وتوفير الظروف الملائمة لبناء جيل جديد من الأبطال. ينبغي أن تكون الخطط المستقبلية مبنية على رؤية شاملة تهدف إلى تطوير الرياضة الوطنية وإعادتها إلى مسار المنافسة الفعالة على الساحة الدولية. فقط من خلال التحرك الجاد والتخطيط الاستراتيجي يمكن للرياضة المغربية أن تحقق النجاح الذي يليق بها وتنافس بقوة في المحافل الدولية.